اسم فلسطين: من مصر القديمة إلى الدولة العثمانيّة | ترجمة

جداريّة في «معبد رمسيس الثالث»، تشير إلى شعب اسمه «بِلِسْت»، 1150 ق.م

 

العنوان الأصليّ: Timeline of the name Palestine.

المصدر: Wikiwand.

ترجمة: علاء سلامة - فُسْحَة.

 

هذه ترجمة بتصرّف لمجموعة من الموادّ التاريخيّة الوارد في مادّة منشورة في «Wikiwand»، عنوانها «التسلسل الزمنيّ لاسم فلسطين». تحتوي المقالة الأصليّة على مئات الأمثلة على استخدام اسم «فلسطين» في نقوش ووثائق ومخطوطات من حقب زمنيّة مختلفة، ومن أماكن مختلفة حول العالم. اخترت من هذه الأمثلة عددًا محدودًا حرصت على أن يمثّل كلّ حقبة زمنيّة مهمّة من تاريخ فلسطين؛ بحيث غطّت الأمثلة الّتي ترجمتها الفترة الواقعة ما بين عام 1150 قبل الميلاد، والفترة العثمانيّة المبكّرة. ولأنّ معظم الألفاظ والأسماء الواردة في المصادر ألفاظ وأسماء غير عربيّة، فقد بحثت عن مقابلها العربيّ حيث وُجِد، وحرصت على تعريب ما لم يُعَرَّب سابقًا، مع المحافظة على اللفظ الأصليّ بقدر ما استطعت، معتمدًا في ذلك على أكبر عدد ممكن من المصادر الّتي تذكرها وتفصّل كيفيّة لفظها. كما ترجمت عناوين الكتب والوثائق المذكورة الّتي لم أجد لها ترجمة عربيّة سابقة.

 


 

تقدّم هذه المقالة مجموعة من أهمّ الإشارات التاريخيّة لاستعمال اسم «فلسطين» عبر تاريخ المنطقة، بما في ذلك ما يقابله من أسماء من لغات مختلفة. يظهر مصطلح «بِلِسْتْ» (Peleset)، من الهيروغليفيّة، في إشارة إلى شعب مجاور، أو أرض مجاورة، في خمسة نقوش حجريّة ابتداء من تاريخ 1150 قبل الميلاد، خلال حكم الأسرة العشرين في مصر. أوّل استخدام معروف للمصطلح يظهر في «معبد رمسيس الثالث»؛ إذ يشير إلى أنّ الـ «بِلِسْتْ» كانوا من بين أولئك الّذين حاربوا ضدّ مصر أثناء حكم رمسيس الثالث. أمّا الآشوريّون فقد أشاروا إلى المنطقة نفسها باسم «بالاشْتو»، أو «بالاسْتو»، أو «بيليسْتو»، وهو ما يظهر في «نقش نمرود» الّذي يعود إلى عام 800 قبل الميلاد. لكنّ المصادر الآشوريّة والمصريّة لم تحدّدا حدودًا واضحة للمنطقة الجغرافيّة المقصودة.

 

شعب بِلِسْتْ يحارب جيش رمسيس الثاني

 

ظهر مصطلح «فلسطين» (Palestine) للمرّة الأولى في القرن الخامس قبل الميلاد، عندما كتب المؤرّخ الإغريقيّ هيرودوتوس (Herdotus) عن منطقة في سوريا اسمها «فلسطين» (Palaistinê)، تقع بين فينيقيا ومصر، وقد عمّم هيرودوتوس الاسم على منطقة الساحل، وهضاب يهوذا، والأغوار. استعمل الكتّاب الإغريق اسم «فلسطين» مرارًا، من أرسطو إلى باوسانياس، وتبعهم في ذلك الكتّاب الرومانيّون.

في عام 135 بعد الميلاد، وبعدما هزم الرومان «ثورة بار كوخبا»، دمجوا بين مقاطعتَي سوريا الرومانيّة ويهوذا الرومانيّة، وأطلقوا على المقاطعة الجديدة اسم «سوريا فلسطين» (Syria Palaestina). تشير بعض المصادر إلى أنّ تغيير الاسم إلى «فلسطين» كان قرار الإمبراطور الرومانيّ هادريان، ويدّعي البعض أنّ الهدف من هذا التغيير، من «يهوذا» إلى «فلسطين»، كان بتر العلاقة بين اليهود وأرضهم، لكنّ الباحث في تاريخ فلسطين، زاكري فوستر، يرى أنّ التغيير في الاسم قد يكون نتيجة ارتباط هادريان بالتاريخ الإغريقيّ وإعجابه به، أو أنّ هادريان لم يغيّر الاسم بالفعل، بل اعتمد الاسم الدارج أصلًا بشكل رسميّ.

نحو عام 390، خلال الفترة البيزنطيّة، قُسِّمَتْ مقاطعة سوريا فلسطين إلى ثلاث مقاطعات، هي فلسطين الأولى، وفلسطين الثانية وفلسطين الثالثة، وقد اسْتُعْمِلَت الأسماء الإداريّة البيزنطيّة ذاتها إبّان الحكم الإسلاميّ.

اللفظ الإنجليزيّ لكلمة «فلسطين» (Palestine) يأتي من اللفظ اللاتينيّ «باليسْتينا» (Palestina)، الّذي يأتي بدوره من اليونانيّة العامّيّة (Παλαιστῑ́νη)، وتُلْفَظ «بالِسْتيني» الّتي استعملها هيرودوتوس لوصف المكان في القرن الخامس قبل الميلاد. يعتقد مارتين نوث (1902-1968)، الباحث في الكتاب المقدّس العبريّ، وفي تاريخ فلسطين، أنّ الاسم يأتي من اللغة الساميّة الأمّ. مع أنّ الكلمة تشبه جدًّا الكلمة اليونانيّة «باليسْتيس»، الّتي تعني الخصم أو المحارب، وهو المعنى الأصليّ ذاته لكلمة «يِسْرائيل» في العبريّة، وهو ما يشير إليه ديفيد جيكبسون، أستاذ الدراسات اليهوديّة، الّذي يعتقد أنّ الاسم جاء من الترجمة الحرفيّة لكلمة «يِسْرائيل» إلى اليونانيّة.

 

خريطة بطليموس (100-170م) الرابعة لآسيا؛ في الوسط اسم فلسطين بحروف يونانيّة

 

مع أنّ اسم «فلسطين» يرد في المصادر المصريّة والآشوريّة الّتي سبقت الفترة الّتي يُعْتَقَد أنّ أسفار الكتاب المقدّس كُتِبَت فيها، إلّا أنّ الباحثين يرون أنّ الاسم يشير إلى المكان ذاته الّذي يذكره العهد القديم العبريّ «بِلِشْتيم» (פְּלִשְׁתִּים). من غير الواضح ما إذا كان هذا الاسم اسمًا محلّيًّا أو اسمًا أجنبيًّا؛ إذ لم توجد كلمة «فِلِسْتِيا» في اللغة الفِلِسْتِيَّة، ومن غير الواضح ما إذا كانت المصادر المصريّة والآشوريّة والعبريّة استندت إلى مصدر واحد مشترك، أم أنّها استلفت الاسم من بعضها بعضًا، وغيّرته بحسب تقاليدها اللغويّة.

 

أمثلة على استخدام اسم فلسطين في مراحل تاريخيّة مختلفة:

مصر القديمة

1150 ق.م: معبد رمسيس الثالث يذكر شعبًا اسمه الـ «بِلِسْت» من بين الشعوب الّذين حاربوا مصر.

1150 ق.م: برديّة هاريس الأولى: "لقد وسّعت حدود مصر، وطردت الّذين اجتاحوها من أراضيهم. لقد ذبحت الدنيِن (أحد شعوب البحار) في جزرهل والجيكر والبِلِسْت".

الآشوريّون

800 ق.م: الملك أداد نيراري الثالث: "في السنة الخامسة (من حكمي)، جلست بوقار على العرش، وأطلقت نداء إلى بلدي. أمرت جيش آشور الكثير العدد بأن يزحف على فلسطين (بالاسْتو)".

675 ق.م: معاهدة آسرحدون مع سيّد صور تشير إلى المنطقة بأسرها باسم «بيليسْتو».

 

الإمبراطوريّة الأخمينيّة (الفارسيّة)

450 ق.م: الكتاب الثالث من تاريخ هيرودوتوس: "البلد الممتدّ من بوسيديون (راس البسيط في سوريا) حتّى حدود مصر ... كلّ فينيقيا، سوريا فلسطين، وقبرص، كانت من ضمنها".

 

الممالك الهيلينيّة

150 ق.م: بوليمون الأثينيّ، في كتاب «تواريخ الإغريق»: "في زمن آبيس ابن فورونيوس، طُرِدَ جزء من الجيش المصريّ من مصر، فاستقرّوا غير بعيد عن شبه الجزيرة العربيّة (Arabia)، في الجزء من سوريا الّذي يُسَمّى فلسطين".

130 ق.م: المؤرّخ اليونانيّ أجاثارشيدس: "قرب جزيرة تيران، توجد شنخة (منطقة مرتفعة من المياه، كالتلّة) تمتدّ باتّجاه صخرة النبطيّين (البتراء) وفلسطين".

 

نقش إغريقيّ غير محدّد التاريخ يذكر اسم فلسطين

 

فترة القدس الرومانيّة

استعمل الكتّاب الرومانيّون اسم «فلسطين» للإشارة إلى المنطقة الواقعة بين سوريا ومصر، وأشاروا مرارًا إلى المناطق اليهوديّة في فلسطين.

30 ق.م: الشاعر اللاتينيّ ألبيوس تيبولوس في «تيبولوس وسولبيتسيا»: "ألا أخبرتنا عن اليمامة البيضاء المقدّسة للسوريّين تطير بأمان عبر مدن فلسطين المكتظّة؟".

17 ق.م: الشاعر الرومانيّ بوبليوس أوفيدوس في قصيدة «فاستي» اللاتينيّة: "عندما حمل جوبيتور السلاح مدافعًا عن السماوات، أتى إلى الفرات ومعه كيوبد الصغير، وجلس على حافّة مياه فلسطين".

 

فترة إيليا كابيتولينا الرومانيّة

129 أو 135م: دمج سوريا الرومانيّة مع يهوذا الرومانيّة، وتسميتها «سوريا بالِسْتينا».

130م: باوسانياس (جغرافيّ) يصف اليونان: "أفروديت السماويّة، أوّل رجال أسّسوا ملّتها كانوا الآشوريّين، بعد الآشوريّين كانوا البافيّين (نسبة إلى مدينة بافوس) في قبرص، والفينيقيّين الّذين يعيشون في أَشْكِلون في فلسطين؛ وعلّم الفينيقيّون عبادتها لأهل كيثيرا (جزيرة في اليونان)".

139م: وثيقة عسكريّة رومانيّة تُظْهِر أسماء وحدات عسكريّة في «سوريا بالِسْتينا».

 

نقش عسكريّ رومانيّ يذكر فلسطين، 139م

 

الفترة البيزنطيّة المتأخّرة

370م: أوتروبيوس (Breviarium Historiae Romanae): "فيسباسيان، الّذي اختير إمبراطورًا في فلسطين، أمير ذو نسب مجهول، لكنّه إمبراطور يستحقّ أن يُقارن بأفضل الأباطرة ... تحت حكمه، ضُمَّت يهوذا إلى الإمبراطوريّة الرومانيّة، والقدس، الّتي كانت مدينة مشهورة جدًّا في فلسطين".

400م: «بريشيت ربا»، مدراش يهوديّ كُتِبَ بين 300-500، فسّر كلمة «أرض» في «سفر التكوين» (31:54)s بأنّها تشير إلى ثلاثة مناطق "فينيقيا، وشبه الجزيرة العربيّة، وفلسطين".

 

الخلافة الراشدة، والخلافة الأمويّة، والخلافة العبّاسيّة

629م: الإمبراطور هرقل يتوجّه إلى القدس من أجل إعادة «الصليب الحقيقيّ»، ويتعهّد بحماية يهود فلسطين.

670م: رحلات أركلوف: "الخليل، يُقال، أُسِّسَتْ قبل كلّ المدن. ليس مدن فلسطين فقط، بل سبقت في تأسيسها كلّ مدن مصر، مع أنّها اليوم مدمّرة وتعيسة".

770م: ثور بن يزيد، كما اقتبسه أبو بكر محمّد بن أحمد الوسيطيّ في كتاب «فضائل بيت المقدس» (1019): "أقدس بقاع الأرض سوريا، وأقدس بقاع سوريا فلسطين، وأقدس بقعة في فلسطين بيت المقدس".

قبل عام 942م: سعيد بن يوسف الفيّوميّ، المفسّر والحاخام العظيم مترجمًا التوراة إلى العربيّة بأحرف عبريّة، يترجم كلمة «بلشت» (פלשת) إلى «فلسطين» (פלסטין).

الخلافة الفاطميّة

1000م: موسوعة «سودا» البيزنطيّة، "فلسطين: اسم منطقة جغرافيّة. أيضًا، فلسطينيّ: رجل من فلسطين".

1050م: خريطة بيوتس لايبانا تبيّن ارتحال أحبار يسوع المسيح، وهي واحدة من أهمّ الأعمال الطبوغرافيّة الأوروبّيّة من العصور الوسطى.

 

خربطة «مادبا»، 560م، المكتوب: حدود مصر وفلسطين

 

فترة الحروب الصليبيّة

1100-1127م: فوشيه الشارتري، «تاريخ القدس» (Historia Hierosolymitana): "إذ إنّنا كنّا غربيّين واليوم أصبحنا شرقيّين. ذلك الّذي كان رومانيًّا أو فرنسيًّا أصبح في هذه الأرض جليليًّا أو فلسطينيًّا".

1130م: رورجو فريتيلّوس: "تقع مدينة القدس في يهوذا المليئة بالهضاب، في مقاطعة فلسطين".

 

الفترة الأيّوبيّة والمملوكيّة

1480م: فيلكس فابري: "جوبا (يافا) أقدم ميناء، وأقدم مدينة في مقاطعة فلسطين".

1496م: مجير الدين العليمي في كتابه «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل»، يستعمل اسم «فلسطين» للإشارة إلى بلده، حيث يرد اسم «فلسطين» 22 مرّة، ويسمّي «فلسطين» كذلك بـ «الأرض المقدّسة»، دون أن يستعمل أيّ لفظ آخر للإشارة إلى البلد، مثل جنوب سوريا أو خلافه.

 

خريطة عثمانيّة لمتصرّفيّة القدس

 

الفترة العثمانيّة المبكّرة

1560م: نسخة جينيف من الكتاب المقدّس، أوّل نسخة إنجليزيّة واسعة الطباعة والنشر، تترجم اللفظ العبريّ «بِلِشْت» إلى «بالِسْتينا».

1560م: أبو السعود محمّد العمادي يُسْأَل عن معنى «الأراضي المقدّسة»، ويجيب بأنّ لها معاني مختلفة، منها كلّ سوريا، من حلب إلى أريحا. والبعض يعتقد أنّها منطقة القدس، بينما يعتبرها آخرون مكافِئة لكلمة «فلسطين».

1563م: جون فوكس، «كتاب الشهداء»: "رومانوس، فلسطينيّ، كان شمّاسًا في كنيسة قيساريا".

1624م: فرانسيس بيكون، «الأطلس الجديد»: "الفينيقيّون، خاصّة في صور، كان لهم أسطول عظيم، وكذلك كان للقرطاجيّين مستعمرتهم الّتي تبعد أكثر إلى الغرب. نحو الشرق، كانت تجارة مصر وفلسطين عظيمة أيضًا".

1648 - 1657م: كاتب جلبي، «تحف الكبار في أسفار البحار»، يصف أوّل خرائط عثمانيّة لسوريا، ويصف فلسطين بأنّها قسم إداريّ مهمّ، وسنجقيّ غزّة والقدس يمتدّان من البحر المتوسّط إلى العريش، وإلى "براري الإسرائيليّين (سيناء). في الجنوب الشرقيّ «بحر لوط» (البحر الميّت)، ونهر الأردنّ.

 


 

روزَنَة: إطلالة على الثقافة الفلسطينيّة في المنابر العالميّة، من خلال ترجمة موادّ من لغات مختلفة إلى العربيّة وإتاحتها لقرّاء فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة. موادّ روزَنَة لا تعبّر بالضرورة عن مبادئ وتوجّهات فُسْحَة، الّتي ترصدها وتنقلها للوقوف على كيفيّة حضور الثقافة الفلسطينيّة وتناولها عالميًّا.